دليل المبتدئين لإتقان التدفق النقدي

يمكن تعريف التدفق النقدي بكل بساطة على أنه حركة النقود الواردة والصادرة (المدفوعة) من مشروعك. والواردات هي مصادر الدخل، أما الصادرات فهي التكاليف.

فلنفترض مثًلا أنك تمتلك محلًا تجاريًا لبيع الكعك؛ عندما يقوم الزبائن بشراء هذا الكعك فإن المال المستخدم للشراء يولد تدفقًا نقديًا واردًا. وعلى الصعيد الآخر، عندما تقوم بشراء الدقيق والمكونات الأخرى للكعك، فإنك تولد تدفقًا نقديًا صادرًا.

عندما يتعلق الأمر بالمشاريع الصغيرة، يكون الهدف هو الوصول إلى تدفق نقدي إيجابي؛ حيث تجني أموالًا أكثر من تلك التي تنفقها. قد يبدو الأمر بسيطًا، لكن العديد من المشاريع المربحة تواجه مشاكل تتعلق بالتدفق النقدي؛ حيث يكون من الصعب الموازنة بين المصروفات المنتظمة كالرواتب والإيجار والأجهزة من ناحية، والأرباح الغير منتظمة من ناحية أخرى. ويمر الكثير من المشاريع أيضًا بأوقات يكون التدفق النقدي فيها سلبيًا بسبب تغير المواسم أو الاستثمار بغرض التوسع.

في المشاريع الصغيرة، يكون تحقيق التدفق النقدي الإيجابي أحد أهم الإنجازات، وتقوم الشركات في العادة بالإبلاغ عن تدفقها النقدي عن طريق بيان التدفق النقدي.

 

ولكن ما هو بيان التدفق النقدي؟

بيان التدفق النقدي هو تقرير يقوم بتتبع الأموال الواردة والصادرة من المشروع، ويظهر أيضًا مقدار النقد الذي يمتلكه المشروع حاليًا، ويعطى نظرة حول سيولة المشروع. ويتعين على الشركات العامة إصدار بيانات التدفق النقدي كل ربع سنة، ويمكنك الاطلاع على بعض منها كتلك الخاصة بشركات أبل وفورد على موقع Yahoo! Finance.

تساعد التقارير المختلفة في توفير نظرة شاملة حول الشئون المالية للشركات، وأهم هذه التقارير هي بيانات التدفق النقدي، الميزانيات العمومية، وبيانات الدخل. فكيف تعمل تلك التقارير معًا؟

تعطي الميزانيات العمومية نظرة شاملة حول الشئون المالية للشركة؛ وتقسم إلى أصول، التزامات، ورأس المال. وتشمل الميزانيات العمومية أيضًا الرصيد النقدي من بيان التدفق النقدي. أما بيانات الدخل فتظهر أرباح الشركة، المصاريف، والمكسب والخسارة، وتعطي بشكل عامة نظرة حول ربحية الشركة.

 

الفرق بين التدفق النقدي والأرباح

على الرغم من ترابط التدفق النقدي والأرباح، لكنهما مختلفين تمامًا عندما يتعلق الأمر بمجال المحاسبة، ويمكنك رؤية هذا الاختلاف بكل وضوح عند مقارنة بيانات الدخل مع بيانات التدفق النقدي.

يتمثل الفرق الأكبر بين الاثنين في أن بيان الدخل يعتمد على المحاسبة على سبيل الاستحقاق، أما بيان التدفق النقدي فيعتمد على المحاسبة على أساس نقدي. تقوم المحاسبة على أساس نقدي بتتبع وقت تبادل النقد، أما المحاسبة على أساس الاستحقاق فتسجل الإيرادات والمصروفات عند حدوثها. على سبيل المثال، إذا قمت بدفع 240 دولارًا مقابل اشتراك صحيفة لمدة عامين مقدمًا، فسيظهر بيان التدفق النقدي 240 دولارًا على الفور، أما بيان الدخل فسيقسم المبلغ إلى كل فترة محاسبة منفردة.

واجهت رتيكا بيوري مشكلات في التدفق المالي بعد أن قامت بتأسيس Storyhackers، وهو موقع استشاري لصناعة المحتوى، على الرغم من أنه كان مربحًا. ولأنه مشروع استشاري، فقد اعتمدوا على الفواتير لتحصيل المدفوعات من العملاء، وكما يعلم أي شخص يتعامل بالفواتير، لا يدفع العملاء على الفور دائمًا. وعلى الرغم من أن Storyhackers كان مربحًا حسب بيان الدخل الخاص بهم، إلا أنهم عانوا من مشاكل في السيولة.

وكتبت رتيكا بيوري في مدونة Quickbooks: “لقد فشلنا، رغم حسن نوايانا، في السداد قبل الموعد المحدد لأنني ببساطة لم أتمكن من إدارة التدفق النقدي”.

تتغير العلاقة بين التدفق النقدي والربح حسب نوع المشروع، فقد تجد بعض الشركات تغيرًا في التدفق المالي نتيجة تغير المواسم، وقد يرى البعض الآخر تغيرًا حسب ظروف التعاقد مع العملاء.

 

كيفية قراءة بيان التدفق النقدي

تقوم بيانات التدفق المالي بتقسيم المشروع إلى معادلة واحدة بسيطة:

تكاليف التشغيل + استثمارات الأصول + التمويل = النقد المتاح

تكاليف التشغيل: ويعرف أيضًا بالتدفق النقدي للتشغيل، وهي النقود التي تم استخدامها أو صرفها على أساس يومي. وتتضمن هذه التكاليف المبالغ النقدية التي تم الحصول عليها في هذه الفترة، ومجموع المبيعات التي تم إجراؤها مسبقًا بالائتمان، مطروحًا منها المصروفات المعتادة المتنوعة. وتعتبر هذه التكاليف أدق تقييم للأموال التي جنيتها من عملك الأساسي، ويجب أن يتزايد إجمالي صافي النقد.

استثمارات الأصول: وتسمى أيضًا التدفق النقدي نتيجة الاستثمار، ويظهر هذا القسم النقد المستخدم في بيع أو شراء الأصول الرأسمالية طويلة الأجل لمشروعك. وقد تكون هذه الأصول في صورة معدات، ممتلكات، آلات، مركبات، أثاث، أو أوراق مالية استثمارية. وبمرور الوقت، يجب أن يكون المشروع قادرًا على دفع ثمن هذه الاستثمارات عن طريق الدخل الناتج من العمليات.

التمويل: وهو النقد المستلم أو المدفوع للمقرضين والدائنين والمستثمرين (في حال تواجدهم). بالنسبة للشركات المتداولة علنًا، يتم الإبلاغ عن التدفق النقدي من بيع الأسهم والسندات أو دفع توزيعات الأرباح أو سداد رأس مال الديون في هذا القسم.

 

 

ولكن ما الذي يتسبب في حدوث مشاكل للتدفق النقدي؟

كما قال رائد الأعمال جاي جولتز في نيويورك تايمز: “هناك العديد من الطرق للحصول على النقد بدون أرباح”. لقد انهارت العديد من المشاريع بسبب عدم فهمهم للفرق بين كسب المال وإدارة التدفق النقدي.

في معظم الأحيان، يمثل التدفق النقدي تحديًا لأن الدخل متقطع، بينما تكون النفقات مستمرة. ولا تعتبر قلة المبيعات مشكلة بالنسبة للتدفق النقدي، فهي في الواقع مشكلة قسم المبيعات أو المنتجات، تحدث مشكلة في التدفق النقدي عندما تكون المبيعات جيدة، لكن المال عالق في المخزون أو الذمم المالية، وأنت تدين للناس بالمال. بمعنى آخر، تكون النقود قادمة ولكنها لم تصل بعد.

يمكن لحل مشكلة التدفق النقدي أن يكون بسيطًا كفك القيود عن حسابات الذمم المالية، وهناك العديد من الطرق التي يمكن أن تلجأ إليها لكسب الأموال بشكل أسرع، ولكن هذا ليس حلًا دائمًا. تقوم بعض الشركات أيضًا بطرح سندات مقابل الأصول والمخزون والمدفوعات المستحقة، لكن هذا ليس حلًا دائمًا أيضًا.

وكما تعلمت رتيكا، فإن حل مشكلتها يتلخص في تنظيم جميع حساباتها، وترك جداول البيانات والتقارير اليدوية. في النهاية، فإن التدفق النقدي الإيجابي جزء من عملية محاسبة شاملة تلقائية وسهلة الوصول، ويمكنك الاستعانة بمحاسب جيد أيضًا.

جميع الشركات التي تترك برنامج الإكسيل وتتحول إلى برامج المحاسبة تتمنى لو قامت بذلك مسبقًا. ويمكن لرواد الأعمال أن يقوموا بدور المحاسبين بكل سهولة، ولكن عادة لا يتوفر لديهم الوقت. وإذا أردت أن تضبط التدفق النقدي بشكل جيد، يجب عليك أن تأتي بموظفين وأنظمة قبل أن تظهر المشاكل، وسوف يشكرك الموظفون والبائعون والمحاسبون أيضًا.